مع اقتراب شهر رمضان المبارك يتساءل الكثير من المسلمين في كل مكان، عن شروط وجوب الصيام في رمضان من أجل التأكد من صحة صيامهم، ولذلك نحن في هذا المقال سوف نتحدث بالتفصيل عن الصيام في رمضان.
شروط الصيام في رمضان
اتفق الكثير من العلماء على وجوب الصيام في رمضان إلا أن الحنفية اعتبروه شرطاً للوجوب؛ أي أنّ الصيام لا يجب على غير المسلمين، ولا يترتّب عليهم القضاء، واعتبره جمهور الإسلام شرطاً للصّحة.
البلوغ : يعتبر البلوغ من الشروط الأساسية للصيام، حيث أن المسلم يجب عليه أن يصوم شهر رمضان كاملا في حال بلوغه سن التكليف المتعارف عليه للصيام والصلاة وتطبيق جميع أركان الإسلام الذي سيحاسب عليها في حال تقصيره في أي جانب منهم، إلا أن هناك استثناء من ذلك، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عَن المَجنونِ المَغلوبِ على عَقْلِهِ حتى يَبْرَأَ، وعن النائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعنِ الصبِيِّ حتى يَحْتَلِمَ)، ويكون بلوغ الصبي بالاحتلام*، أو ظهور بعض العلامات الطبيعيّة التي تدّل على تجاوز مرحلة الطفولة، والوصول إلى مرحلةٍ أخرى، أمّا الفتاة، فيكون بلوغها بالحيض، كما يُعرف البلوغ بتمام خمسة عشر سنةً إن تأخّرت أيّ علامةٍ من العلامات السابقة.
ولكن يجب على الأهل تعليم أولادهم العبادات، ومنها: الصيام، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ)،
ويبدأ الأهل بترغيب الأولاد قبل سِنّ البلوغ من أجل إعدادهم لهذه الأركان بداية من سن السابعة من عُمرهم، ويُقاس الصيام على الصلاة من حيث القدرة البدنيّة، ولا يُشترط أن يصوم الصغير الشهر كاملاً، ولكنّه يتدرّج في الصيام حتى يعتاده، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يُصوّمون صغارهم في رمضان.
العقل الخطاب التّشريعي في الإسلام مُوجّه للعاقل، فلم يوجّهه إلى فاقده؛ فالمجنون ومن في حُكْمه غير مكلّف بالصّيام، فمن فقد عقله بسبب شُربِ مُحرّم، أو غير ذلك يجب عليه القضاء بعد الإفاقة وزوالِ السّبب.
غير العاقل أولى بعدم تكليفه بالصيام إن كان غير البالغ غير مكلّفٍ، فلا يُوجّه أي نهيٍ، أو أمرٍ إلى غير العاقل، ولا يُؤمر بأي عبادةٍ؛ إذ رُفع عنه التكليف والحساب، أمّا إن انعدم العقل بشكلٍ مؤقّتٍ؛ فإنّه يُكلّف فقط بالمدّة التي يكون فيها عاقلاً فمثلا فصيام المغمى عليه يُحكَم فيه بالنظر إلى حاله، وبيان ذلك فيما يأتي:
الحالة الأولى: إذا كان الإغماء من قبل الفجر، واستمرّ إلى بعد الغروب؛ فالصيام هنا غير صحيحٍ، ويجب عليه القضاء؛ لأنّ الصيام إمساكٌ عن كلّ المُفطرات مع تحقّق النيّة، وقد انعدمت لدى الشخص المُغمى عليه طوال فترة الصيام.
الحالة الثانية: أن يكون الإغماء خلال جزءٍ من النهار، فلا قضاء على مَن أُغميَ عليه، وصيامه صحيحٌ، وقيّد المالكية صحّة صيامه إن كان الإغماء أقلّ النهار.
القدرة على الصيام: شرط من شروط الصيام هي المقدرة عليه يُشترط حيث أنه لا يجب الصيام على غير القادر، وبناءً على اشتراط القدرة، بيّن العلماء أحوال مَن انعدمت لديهم القدرة آتياً: الشيخ الكبير والعجوز: اتّفق العلماء على أنّ الشيخ الكبير والعجوز اللذَين لا قدرة لهما على الصيام، أو اللذَين يصومانه بمشقّةٍ وجُهدٍ لهما أن يُفطرا في رمضان، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)،وقوله أيضاً: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).
الحامل والمُرضع: للحامل والمُرضع الإفطار في رمضان باتّفاق العلماء؛ إن خافتا على نفسيهما، أو على طفليهما مع نفسيهما، ولكن يجب عليهما القضاء بعد رمضان، قياساً على المريض، إذ وجب القضاء على المريض بقول الله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[١٢] أمّا إن خافتا على طفليهما فقط؛ فقد اختلف العلماء في ترتّب القضاء عليها، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي: القول الأول: قال الحنفيّة، وابن المنذر من الشافعيّة بعدم القضاء عليهما.
القول الثاني: قال الإمامان؛ الشافعيّ، وأحمد بوجوب القضاء، والإطعام.
القول الثالث: قال الإمام مالك بترتّب القضاء دون الإطعام على الحامل، والقضاء والإطعام على المُرضع.
القول الرابع: قال ابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهما- بوجوب الإطعام دون القضاء.
المريض: يمكن للمريض إن كان يصعُب عليه الصوم- الإفطار في رمضان، ويجب عليه قضاء ما أفطره بعد انقضاء الشهر، ذلك إن كان مرضه من الأمراض غير المزمنة، ويُمكن الشفاء منها، ولا يترتّب عليه الإطعام، أمّا إن كان من أصحاب الأمراض المُزمنة التي لا يُمكن الشفاء منها، فإنّه يُفطر، ويُطعم عن كلّ يومٍ أفطره مسكيناً، قال الله -تعالى-: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).
الحائض : المرأة الحائض لا يجوز لها الصيام خلال أيام الحيض من الشهر المبارك، ولكن يجب عليها قضاء الصيام بعد انتهاء الشهر الكريم.